الازدواجية السيكـوفيـزيائيـة...ماذا لو كشفنا عن أوجه البشر المتقلبة!!!
الازدواجية
السيكـوفيـزيائيـة
ماذا لو كشفنا عن أوجه البشر المتقلبة!!!
ماذا لو كشفنا عن أوجه البشر المتقلبة!!!
في
هذا الموضوع سوف اتحدث عن حالة يتصف بها بني الانسان وهي ان يكون الشخص ذو وجهين
مختلفين او شخصيتين مختلفتين فيظهر واحدة للبعض والأخرى يخفيها والعكس صحيح, وكلا
من الشخصيتين تكون مختلفة تماما عن الأخرى من حيث السلوك و الادراك والتفكير والمشاعر
والأمور الأخرى, وسوف أسمي هذه الحالة من منظوري الشخصي ب "ازدواج الهوية
وثنويتها**", وسوف اعكس هذه الحالة على الفيزياء ونظرية الكم (الكوانتوم) وما
هية العلاقة فيما بينمها كون ان الانسان بطبيعة الحال ما هو الا تكوين من المادة.
**ثنوية
مشتقة من العدد اثنان
وانا
هنا لا أتكلم عن مفهوم الانفصام الشخصي (شيزوفرينيا) او ازدواجية الشخصية (DSM)
الذي نعرفه في مجال علم النفس (السيكولوجيا) وعلم الامراض (الباثولوجيا) لانهما
يعتبران حالات نفسية وطبية وتشخص عن طريق المختصين بأنها امراض عقلية تصيب الجهاز
العصبي بسبب اضطراب عقلي شديد ومزمن وتأتي بفعل اضطراب في النواقل العصبية او
تغيرات في تركيبة الدماغ ويكون سببها وراثيا او مشاكل في جهاز المناعة او تناول العقاقير التي قد تؤثر على الجهاز العصبي.
وبعيدا
عن موضوعنا أود التنويه ان هناك مغالطة في حياتنا في مفهوم الانفصام الشخصي اذ
انها تقال في العامة عن أي شخص يظهر تناقضا في كلامه او يظهر اكثر من شخصية في آن
واحد او أوقات مختلفة وهذا المفهوم خاطئ كليا, اذ ان الانفصام ما هو الا اضطراب عقلي
يجعل الانسان المصاب لا يقوى على التعبير في المواقف التي يكون فيها ويكون كثير
التردد او يشعر بهلوسة بوجود أناس تنوي الحاق الضرر به, اما المفهوم الصحيح الذي
يجب ان يقوله الناس لشخص يظهر تناقضا في اراءه هو ازدواجية الشخصية وهو ان يكون الانسان مصاب
بمرض عصبي يجعله يظهر اكثر من شخصية بآراء وسلوك مختلفين حيث ان العلماء اتفقوا على
تسميتها ب "انشطار وعي الشخصية" حيث ان شخصية المصاب تنشطر الى شخصيتين
او اكثر بأوقات مختلفة او في آن واحد, وتكون هناك مشاكل في مراكز الذاكرة
واختلالات في تذكر المعلومات المهمة لديه فتجعله يظهر احداهما وتكون الأخرى مضمرة
فتجعله ينسى أقواله وافعاله سريعا ويتصرف عكسها وهو لا يحس بذلك ولا يعلم ابدا
بانه يظهر اكثر من شخصية للغير, لكنها في النهاية حالات مرضية لها مسببات واعراض
فتكون تصرفاتهم نوعا ما مبرره لدينا اذ ان هؤلاء الأشخاص مصابين بنوع من الامراض
العصبية.
لكن
هنا في حديثي اتحدث عن بني الانسان السليمين نفسيا وعقليا (الانسان السوّي) والذين
ليس لديهم مشاكل عصبية ولا أي اعراض مرضية ومع هذا يقومون بإبداء وجهين مختلفين لا
يمكن كشفهما الا اذا كنت مواجها له في كلا الوجهين, يعني ان مجرى هذا الكلام عن
الانسان الذي يتسم بهذه الصفة كسمة من سماته بدون اي مشاكل في الجهاز العصبي,
واردت تسليط الضوء على هذه السمة لأضع بين ايديكم التفسير العلمي وذلك من وجهة
نظري.
وسبب
تسميتي لهذه الحالة ب"ازدواج الهوية وثنويتها" وليس "ازدواج
الشخصية المضطرب" اذ ان ازدواج الشخصية هو مرض نفسي وعقلي كما ذكرنا سابقا
ويكون تعدد الشخصيات للشخص المصاب دون ان يحس او ان يعلم بان شخصيته متغيرة, لكن
موضوعي عن الانسان الذين يبدي شخصيتين بقصد وهو على علم تام بانه يقوم بذلك, فتراه
يتصرف امامك بشكل ومن خلفك بشكل اخر وانت لا تدرك بانك امام شخصيتين في جسد واحد
الا اذا واجهت هذا الشخص في كلا الشخصيتين في بعض المواقف لتحدد هويته وشخصيته التي
هو عليها عن كثب, فهو يكون صاحب شخصيتين مالم نقم بكشفه لنحدد أي شخصية هو عليها...اتفقنا!!!
ان
هذا ليس غريبا على بني الانسان في ان يتبع سلوكا مختلفا في ازدواجية هويته فهو
تكوين من المادة والتي بدورها أيضا لديها ازدواجية في طبيعتها الفيزيائية فتارة
تسلك المادة طبيعة موجية وتارة أخرى جسيمية كالضوء تماما وتختلف في خصائصها في كلا
الحالتين فعندما تكون موجية تتصرف كالموجات الكهرومغناطيسية ويكون لها طول موجي
وتردد وعندما تكون جسيمية تتصرف كالذرات ويكون لها كتلة وحجم, وقد قام بتفسير هذه
الظاهرة عدة من العلماء الفيزيائيين ومنهم العالم الألماني "ماكس بلانك"
والذي يعتبر مؤسس نظرية الكم والعالم
الألماني "ألبرت اينشتاين" والذي حاز على جائزة نوبل وذلك على نظريته
الحث او التأثير الكهروضوئي (وليس كما يعتقد البعض بانه نالها على نظرية النسبية) وأخيرا
العالم الفرنسي "لويس دي بروي" حيث انهم اثبتوا جميعا نظرية الازدواجية والتي
تنص على ان للمادة خواص موجية وأخرى جسيمية (ازدواجية الموجة والجسيم), لكنها لا
تكون في آن واحد وانما لحظيا اما ان تصبح موجية او جسيمية.
ثم جاء
العالمان الألماني " فيرنر هايزنبيرغ" والنمساوي "اروين
شرودنغر" واكتشفا انه يمكن تحديد حالة المادة اذا كانت موجية او جسيمية وذلك عن طريق المشاهدة
او القياس ;أي مواجهة المادة لحظيا لمعرفة طبيعتها أهي
موجية أم جسيمية؟!!! ولا اريد الخوض في المعادلات الرياضية التي تم تطبيقها في
عملية اكتشاف خصائص المادة الموجية والجسيمية وكيفية قياسها نظرا لتعقيدها حيث ان
القارئ يجب ان يكون ملما بنظرية الكم وحساباتها ليتمكن من فهمها, لكنني هنا أضع
تصورا عام عن هذه الظواهر.
وقد وضع
شرودنغر تصورا يسمى ب "قطة شرودنغر" لتبسيط فهم كيفية الكشف عن هوية
المادة ان كانت موجية ام جسيمية حيث تخيل شرودنغر تجربة ذهنية يتم فيها حبس قطة
داخل صندوق مزود بغطاء ويكون مع القطة عداد غايغر** وكمية ضئيلة من مادة مشعة ومطرقة
وزجاجة مليئة بحامض الهدروسيانيك السام بحيث يكون هناك احتمال تحلل ذرة واحدة من
هذه المادة خلال ساعة واحتمال اخر بان لا تتحلل, فإذا تحللت الذرة فان عداد غايغر
سوف يكشف الاشعاع ويعطي إشارة ويطرق المطرقة فتكسر بدورها الزجاجة التي تحتوي على حامض
الهدروسيانيك الذي يسيل ويقتل القطة فوراً, وان لم تتحلل الذرة يبقى كل شيء على ما
هو عليه وتبقى القطة حية....والآن يقف المشاهد أمام الصندوق المغلق بالغطاء ويريد
معرفة هل القطة حية أم ميتة ؟؟؟!!!! (من وجهة نظر ميكانيكا الكم، تكون القطة بعد
مرور هذه الساعة في حالة مركبة من الحياة والموت) يعني ذلك انها حية وميتة في نفس
الوقت لأننا لا نستطيع تحديد ما اذا كانت حية أم ميته!!! لأننا لا نعلم هل تحللت
الذرة ام لا!!! لكن عندما يفتح المشاهد
الصندوق يرى القطة إما ميتة أو حية ويتم تحديد حالتها فور فتح الصندوق, حاول ان
تضع هذه الفكرة في مخيلتك قليلا وحاول ان تتذكرها جيدا لفهم ما نحاول الوصول اليه
بعد قليل!!!
**عداد
غايغر :عبارة عن جهاز لكشف الاشعاعات والتحلل الاشعاعي
والان
لنعد الى بني الانسان الذين يبدون شخصيتين احداهما من امامنا والأخرى من خلفنا فلا
يمكن ان نحدد شخصية الفرد الذي يتظاهر بشخصيتين مختلفتين الا اذا كشفنا عنه وقمنا
بمواجهته لنرى أي من الشخصيات هو الان في وقت الكشف عنه!!! الحقيقة ان ما نفعله مع
هؤلاء هو نفسه ما قمنا به في تجربة قطة شرودنغر فلم نعرف حالة القطة الا عندما
واجهنا الحقيقة بفتح الصندوق وهنا نفس الحال مع الانسان فنقول هو ذو وجهين او
شخصيتين معا مالم نقوم بمواجهته لمعرفة الحقيقة وكشف هويته..!!
وهذا
ما اردت توضيحه بان الانسان ان كان ذو هويتين يعيشهما معا فنراه يظهر شخصية فيها
الاتزان والهدوء من امامنا ومع اخرين يظهر شخصية فيها التهوّر و الصخب وذلك بكونه مكون
من المادة التي هي أيضا تعيش طورين مختلفين بين الموجية والجسيمية كما ذكرنا, وبما
ان الانسان مكون من المادة فان النظر الى خصائص المادة وطبيعتها يشكل جزء كبير من
فهم سلوكيات الانسان وطباعه, فمن وجهة نظري فان الانسان نفسه مادة لكنها تختلف عن
المواد الأخرى بوجود العقل الذي منحنا إياه رب العالمين.
ان من
شغفي لنظرية الكم المعقدة نسبيا أحاول عكسها على كل صغيرة وكبيرة في هذا الكون
الفسيح فهي النظرية التي تنطبق على كل شيء صغيرا كان أم كبيرا (صغيرا وان كان
متناهي الصغر ك "لكوارك الثقيل" المكون الأساسي للبروتون والذي يبلغ نصف
قطره 43x10-19 م أي أصغر بنحو 2000 مرة من نصف قطر البروتون,
وان كان كبيرا بحجم مجرة أي سي 1101 (IC 1101) والتي تعد من اكبر مجرات الكون المكتشفة حتى
يومنا هذا والتي تحتوي على اكثر من 100 تريليون نجم مقارنة بمجرتنا درب التبانة
التي تحتوي على 300 مليار نجم تقريبا).
إعداد: سامي عايش عناقره - Sami A. Anagreh






تعليقات
إرسال تعليق