الخوف من المستقبل.. خوف زائف يوهمنا بما هو ليس موجود



الخوف من المستقبل.. خوف زائف يوهمنا بما هو ليس موجود





دعونا نقرأ معا هذه القصة القصيرة ولنكمل بعدها ما نوّد مناقشته في موضوعنا في هذا المقال كان هناك أحد الأطباء قد قام بتجربة علمية على شخص (محكوم عليه بالإعدام) بعد ان أقنعه بالموافقة على الخضوع لتجربة علمية مقابل بعض التعويضات المالية لعائلته، وكذلك مقابل تسجيل اسمه في لائحة التاريخ العلمي وخدمة للعلم والبشرية وتكفيرا عن بعض خطاياه، وكان الطبيب يهدف لمعرفة مدى اثر الوهم والايحاء على النفس البشرية .

شرح الطبيب للمحكوم عليه بالإعدام بأنه سيطبق عليه الإعدام بواسطة تصفية دمه ليدرس المتغيرات التي سوف تطرأ على الجسم في تلك الحالة .

وبالفعل سلّم الرجل نفسه ، وتم عصب عينيه ، وقام الطبيب بمد خرطومين رفيعين من خلال مرفقيه ، لكنه لم يقم فعليا بفتح الوريد وانما جعل الخرطومين بوضعيه تجعل السجين يحس انه تم توصيلهما بوريده ومررهم على صدره ووضع تحت المرفقين أوعية  فارغة على بعد مناسب لكي يستمع المحكوم عليه لصوت سقوط الدم والذي هو في حقيقة الامر قطرات الماء الدافئ، ومرر الطبيب أيضا في الخرطومين ماء دافئا بدرجة حرارة الدم لكي يحس المحكوم عليه بصدق التجربة عندما يمر الماء الدافئ على صدره ويديه ، ثم وخزه في المرفق وخزات وهمية، ليبدأ الخيال وكأن الشرايين قد قطعت وبدأ الدم في الخروج والانصباب في الاوعية.

تخيلوا أنه بمجرد مرور دقائق بدأ الشحوب على الوجه ، واصطبغ الجسم كله بالصفار ، وعندما جاءوا لفحصه عن قرب وكشفوا عن وجهه وجدوه قد مات ، نعم مات وقتله الوهم والخوف ولا شيء غير الوهم.



مما يعني أن عقله الباطن قد صدق بالوهم والخيال الصوتي والحسي المركب ، ومن ثم أمر العقل كل أعضاء الجسم بالتوقف عن الحراك ، لأنه في اعتقاده بأن الدم قد فقد .!!



لقد اردت مشاركة هذه القصة معكم لنرى أثر الوهم الزائف الذي يصيب كثير من الناس ليكوّن عندهم خيفة من حياتهم ومستقبلهم، فتراهم يصنعون اوهاما من نسج خيالهم تمنعهم من المضي قدما لمستقبل مشرق, فتلك الأوهام تبني امامهم حواجز وعواقب هي لم تكون موجودة بالأصل, مثلما رأينا ماذا فعل الوهم والخوف بذاك السجين البائس الذي تهيأ له بان دمه يصفى وهو في حقيقة الامر لم يفقد اي قطرة من قطرات دمه ولم يمس بسوء, وهذا هو حال الكثير منا ممن يرى ان مستقبله حالك السواد وان حياته لا معنى لها وهو جالس في مكانه بلا حراك فتارة يصدر احكاما على نفسه بان لا فائدة من حياته وعلى مستقبله بالسوداوية تارة أخرى, ولا يقتصر الامر على هذا الشيء وانما يقوم أيضا بتصفيف اقداره أمامه وينسى ان علمها عند ربه.





ان الله عندما خلقنا فانه خلقنا لرسالة سامية وهي عبادته والتضرع اليه ووهب لنا هذه الدنيا لنعيش فيها حياة مؤقتة وليست ابدية فنمر بها مرور الكرام, فسخر الأرض وما عليها لنا وسخر بعضنا لبعض من بعد خلق آدم عليه السلام وذلك لنتمكن من العيش بسلام في حياة يحفها الراحة والجمال لكن بشرط ان يحسن المرء العيش فيها وذلك عن طريق الوصول الى التوافق النفسي (التوافق مع الذات) والتوافق الاجتماعي (التوافق مع الغير), وان لم يحسن العيش فانه سوف يشقى بتعاسة التفكير الذي لا يسمن ولا يغني من جوع, يقوم الانسان بتحديد أهدافه ورسم مستقبله ويمضي اليه فيصل الى ذاك التوافق المنشود عندما يحقق أهدافه ويشبع رغباته, لكن في بعض الأحيان يمكن ان يعتري الانسان شعور بعدم الارتياح والإحباط عندما يخفق في تحقيق هدف من أهدافه او منع من تحقيقها لسبب من الأسباب.



لكن ليس وان اعتراه هم او شيء من الخوف ان يتوقف عن المسير الى الامام بل عليه اكمال ما بدأ به فلعل مبتغاه وفرج همومه ليس ببعيد, فلنفكر بالأمر بشيء من المنطق لماذا نفكر بالمستقبل و لماذا نفكر بشيء ينتظرنا بعد حين.. لماذا نصنع احداث قادمة لا وجود لها ... لماذا لا نعيش لحظاتنا بسعادتها او بالتغلب على تعاستها..لماذا لا نعطي كل يوم حقه ليسعدنا لا ليشقينا ويجعلنا نهرم بالتفكير بالأيام القادمة التي لا نعرف خيرها من شرها.






ان الدور الأكبر في التخلص من الخوف من المستقبل هو مدرسة العائلة وهم الآباء والامهات, فبأيديهم ان يزينوا لنا مستقبلنا كمستقبل زاهر نتوق للوصول اليه والعيش برغد سواء بيسرة الحال او عسرته, وبأيديهم أيضا تشويه المستقبل بتصويره وكأنه جحيم فيزرعوا خيفة مزيفة لدى من أولادهم من المضي قدما لأنه على علم بان مستقبلهم لا يسر القلب بسبب العقل الباطن الذي تولد لديه أفكار سوداء فاصبح يعمل بناء عليها بلا وعي ولا ادراك.


ان هذه المقالة ليست للتحريض على الآباء او الأمهات او لجعل الناس تتواكل لا ليست كذلك وانما هي رسالة لهم بالوقوف مع أبنائهم لصنع حياة تخلو من الهم والخوف وخصوصا في هذه الأيام الصعبة التي نمر بها, فنحن نعيش في بحر من الهموم والاسى دون الحاجة أيضا الى المزيد من الهم للتفكير في ما هو آت, فعلينا الاعداد لمستقبلنا لجعله اجمل لكن ليس على حساب لحظاتنا التي نعيش فيها فعلينا ان نعقل ونتوكل.



ماذا لو غيرنا نظرتنا قليلا على مستقبلنا الذي قد يكون مستقبلا مليئا بكل معاني السعادة والفرح، فعلينا ان ننظر اليه على انه شيءٌ جميل ينتظرنا لنعيش أيامنا بسعادة الى ان نصل الى ذلك المستقبل فنكون بذلك قد ربحنا واقعنا الذي نعيش ومستقبلنا الذي كنّا ننتظر، وهذه هي حكمة الله في الكون بان اخفى عنا مستقبلنا ورزقنا وموعد موتنا لكيلا نعيش في حسرة ونحن ننتظر هذا اليوم.




الخوف من المستقبل هو من اعتى الامراض التي قد تصيب الانسان لأنه يخلق شعورا يجعله يخاف من شيء هو نفسه لا يعرفه ولا يعلم اخباره فتراه يضع نفسه في قوقعة الخوف والقلق من مستقبله فيضيق على نفسه وهو في سعة من أمره, والسؤال الذي يتبادر للذهن هو " أأنت أيها الانسان!!!  أقمت بالانتهاء من حاضرك وماضيك حتى تقوم بالتفكير في مستقبلك؟؟!!!" دع عنك هذا الشعور الذي سوف يودي بك الى الهاوية ولتبدأ حياة مملوءة بالأمل والاحلام الوردية... فلماذا نحكم على أنفسنا بالإعدام ونحن أبرياء!!

ودمتم سالمين,,,



بقلمي

سامي عايش عناقره

































تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ما لا تعرفه عن شريحة الدماغ أو شريحة ايلون ماسك ( نيورالينك Neuralink)

الازدواجية السيكـوفيـزيائيـة...ماذا لو كشفنا عن أوجه البشر المتقلبة!!!

فلسـفة الإلكتــرون.. مالم نكـن نعـلمه..