لماذا لم يفسّر الرسول صَلّ الله عليه وسلم القرآن الكريم كاملاً في عهده؟!
لماذا لم يفسّر الرسول صَلّ الله عليه وسلم القرآن الكريم كاملاً في عهده؟!
ان القرآن الكريم كتاب سماوي ومقدّس ويأتي إعجازه بفصاحته وبلاغته من جهة وغزارة معانيه وشموليّته لكل زمانٍ ومكان من جهة أخرى، ولأنّ الرسول عليه الصلاة والسلام كان على علم تام بإعجاز القرآن بهذا الشكل، فقد قام بتفسير آيات القرآن بما يناسب عصره وقضايا أُمته آنذاك وبيّن لهم كل ما يحتاجون منه على أكمل وجه ولَم يقم بتفسير القرآن الكريم كاملاً رحمةً بأمته من هول ما يحويه القرآن من عميق المعاني والآيات والدلالات التي تجعل الولدان شيباً حيث ان بعض هذه الدلالات قد لا تهمهم في زمنهم الذي يعيشون فيه في ذلك الوقت..وأمور اخرى في القرآن التي قد لا تتصورها ولا تستوعبها عقول أبناء ذلك الزمان من أمته حتى لا يدهش عقولهم ويشغلهم بما لا يعنيهم..مثال على ذلك بعض الظواهر الكونية المذكورة في القرآن والكائنات الحية وتكوينها وأطوارها فكيف يفسر لأمته أشياء وهم لا يعرفون أخبارها كما نعلمها اليوم مع هذا التطور التكنولوجي الذي وصلنا اليه..
اذ ان الرسول الكريم اذا فسر القرآن بما أتاه الله من علم فانه سيحتاج دهراً كاملاً لذكر ما في القران من معانٍ وتفاسير ودلائل والتي بمجملها لا تتعارض مع بعضها البعض وإنما تتوافق في معانيها وان اختلفت الأزمان والحقب وهذا من اعجاز القرآن ايضاً وهو ما أطلقت عليه اسم "التوافق" اَي ان تفسير القرآن الكريم لا يتعارض بمعانيه ابدا باختلاف الزمان والمكان وإنما يتوافق جملةً وتفصيلاً.
والهدف من ذلك ايضاً هو ان القرآن الكريم لا يحدّد بتفسير معين او غاية واحدة اي لا يمكن حصر تفسيره في زاوية معينة وإنما هو صالح لكل زمان ومكان ولهذا فان تحديد تفسير معين للقرآن يفقده إعجازه.
والسبب الآخر لعدم تفسير القرآن كاملاً هو الإرادة الإلهية وذلك حتى يفتح باب تعلم تفسير القرآن والاجتهاد وهنا يجب التنويه لقضية مهمة جداً وهي ان باب التفسير فتحه الله للراسخين في العلم وليس لعوام الناس فهناك شروط لدخول هذا الباب لاننا نتعامل مع كتاب عظيم فيه كلام الله الا وهو القرآن الكريم وعلم قويم ليس كباقي الكتب والعلوم، ومن هذه الشروط ان يكون راسخاً في العلم ملماً بالمعرفة ولديه علمٌ باللغة والفصاحة والبلاغة والعقيدة والسيرة وغيرها من علوم الدين وايضا ممن يكون عمله مطابقاً لقوله وان يفسر القرآن ضمن ضوابط ممنهجّة لغوياً وشرعياً وعلمياً ولا ننسى ايضاً توفيق الله في هذا الامر،،، فلا نزيد على قول الطبري في قضية تفسير الرسول للقرآن "فأما ما لا بد للعباد من علم تأويله فقد بينه لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم ببيان الله ذلك له" ونحن نعلم ان الطبري من اعلم الناس في تفسير القرآن حيث انه أخذ من المأثور عن النبي وليس تفسير اهواء،،،فان من يفسر القرآن حسب أهواءه ويحرفه عن مواضعه فان القرآن نفسه سوف يسوقه الى النار في مثل هذه الحالة كالمتفيهقين والمتشدقين والعياذ بالله وممن يقحمون أنفسهم في هذه الأمور من غير علم او دراية..وهذا والله اعلم
إعداد: سامي عايش عناقره - Sami A. Anagreh

تعليقات
إرسال تعليق